Sunday 22 February 2015

4# أسطورة حورية البحر Mermaid

حورية البحر

 إن جذور أساطير حورية البحر أكثر تنوعاً مما قد يتوقعه المرء. في الأسطورة الحديثة فإننا نميل إلى رؤية حوريات البحر بطريقة مفردة – لطيفة و خيرة للبشر الذين يحافظون على نوعهم في مياه المحيطات العميقة. ولكن ليس كل القصص تسير في هذا الإتجاه، حيث أن معظم الحكايات القديمة عن أساطير حورية البحر لها منظور مختلف تماماً .

إن أول أساطير حورية البحر تأتي من سوريا قبل حوالي 1000 عام قبل الميلاد، حيث قامت الآلهة السورية أتارجاتيس (Atargatis) بالغطس في بحيرة لكي تأخذ شكل سمكة، لكن القوى السلطوية آنذاك لم تسمح لها أن تتخلى عن جمالها العظيم، لذا تحول فقط نصفها السفلي لشكل سمكة وبقيت محتفظة بشكل الأنسان في نصف جسدها العلوي .

وكما يحدث في الأساطير عادةً، تغيرت القصة مع مرور الزمن وأصبحت “أتارجاتيس” مختلطة مع الآلهة السورية عشتار، التي تعتبر عموماً نظيرةً لأفروديت في الأساطير اليونانية. وعلى الرغم من أن أفروديت نادراً ما صُورت في شكل حورية البحر، فإن تطور أساطير حورية البحر هو ما أدى إلى دور أفروديت في أساطير الحوت، والتي لها جذور واضحة في الأساطير السورية.

أما بالنسبة للقصص اللاحقة في أساطير حوريات البحر فإنّها تنبع من ملحمة هوميروس “الأوديسة”، حيث يؤمن علماء الأساطير بأن السيرانة (Sirens) كانت على شكل حورية بحر. وكانت هذه النسخة الأكثر شهرة عن حورية البحر خلال التاريخ .

ومن ضمن العديد من الحكايات الشعبية هناك أساطير من الجزر البريطانية وحكايات الليالي العربية الشهيرة التي تطابق حوريات البحر تماماً في النمط السائد هذا .في هذه الأساطير، تغني حوريات البحر للرجال على السفن او على الشواطئ المجاورة، حيث تقوم عملياً بتنويمهم بجمالهن وأغانيهن .أولئك المتأثرون قد يهرعون إلى البحر إما ليغرقوا وإما ليتم أكلهم، أو خلافا لذلك يذهبوا إلى غرفهم.

 ولا يقتصر وصف الحورية الخطيرة على الحورية سيئة النية فقط، وإنّما اعتقد البعض أنّ الحورية الطيبة أيضاً قد تسبب خطراً أعظم على رجالٍ ظنوا أنهم شاهدوا امرأة تغرق وأنهم قد يغطسون في الماء لإنقاذها. تقترح روايات أخرى أن الحوريات إما قد نسين أو لم يفهمن أن البشر لا يستطيعون التنفس تحت الماء، وأنهن قد سحبن الرجال إلى أعماق البحار ما أدّى عرضياً إلى إغراقهم أثناء هذه العملية.

 مع ذلك ففي الأساطير الحديثة، نادرا ما قد تكون هذه هي الحالة، فاليوم يحبّذ رؤية هذه المخلوقات على أنها وديعة وبريئة، هذا إن لم تكن عوناً في كثير من الحالات للإنسان. يمكن أن تنسب كثير من التفسيرات الحديثة عن حوريات البحر إلى أكثر حكاية شهرة في أساطير حورية البحر- هانز كريستان اندرسن “حورية البحر الصغيرة”، وفلم ديزني اللاحق بنفس الاسم. حيث من المرجح أن تكون هذه الحكاية الشهيرة لحورية البحر هي التي عرّفت الكثير من الاطفال والبالغين على حد سواء، وهذا ما يجعل ميل الاشخاص للتمسك بهذه الصورة للحورية (وديعة وبرئية) على نطاق واسع أمراً غير مفاجئ. ليس كأن السيد آندرسن كان وحيداً في هذا التفسير.

اعتقدت ثقافات كثيرة بأن هذه المخلوقات كانت خالدة ولديها قدرات تتراوح من امتلاك القدرة على شفاء المرض، وتحقيق الإمنيات، ومشاركتهم الخلود. سواء كانت محظوظة أم لا، إنه لمن المثير للاهتمام أن أسطورة حوريات البحر تبدو بإنها امتدت في جميع انحاء العالم. كانت البلدان الأوروبية تميل إلى اتخاذ من موقف سلبي أكثر تجاه هذه الحوريات، فيما تعتبرها بلدان عديدة من جزر المحيط الهادئ علامة على الحظ الطيب أو أكثر. في وارسو- بولندا، تعتبر الحورية رمزاً للمدينة. وانتشرت القصص عن الحوريات في كل مكان من وسط أفريقيا إلى كندا حتى فلسطين، وتعدّ هذه أماكن كثيرة جداً بالنسبة لمخلوق ليس موجود فعلياً.


المصدر

No comments:

Post a Comment